فاجأ الرئيس التونسي الباجي قائدالسبسي الأحزاب الديمقراطية وأغلبية التونسيين بتشديده على أن “إشراك حركة النهضة في حكومة الحبيب الصيد كان أحسن قرار”، ليؤكد مجددا أنه “المهندس الحقيقي لإشراك الحركة الإسلامية في الحكم” على الرغم من المعارضة الشديدة للأحزاب الديمقراطية العلمانية بما فيها أغلب قيادات حركة حزب نداء تونس.
وقال قائدالسبسي الذي كان تعهد خلال حملته للانتخابات الرئاسية بأنه “لن يتحالف مع النهضة وإنما مع العائلة الديمقراطية” مساء الثلاثاء في حوار للقناة التلفزيونية الأولى “إن مشاركة حركة النهضة في الحكومة كان أحسن قرار” غير أنه استدرك “دون أن يعني ذلك وجود أي تحالف بين النهضة والنداء”.
وهدا أول تصريح من نوعه لقائدالسبسي حول إشراك النهضة في السلطة وهو إشراك اثار غضب القوى العلمانية التي رأت فيه “إخلالا من مؤسس نداء تونس بتعهداته الانتخابية” فيما لم يتردد ناخبون تونسيون في وصفه بـ”الخيانة” لكونهم منحوا أصواتهم لقائدالسبسي من أجل قطع طريق الحكم أمام النهضة التي يحملونها مسؤولية الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها البلاد مند أربع سنوات جراء سياساتها الفاشلة في الحكم عامي 2012 و2013 .
وكان قائدالسبسي برر إشراك النهضة في حكومة الحبيب الصيد برغبة حزبه نداء تونس في التعامل معها بـ”طريقة حضارية”، ما يؤكد أن ما أقدم عليه الصيد في هذا الموضوع الذي أثار جدلا حادا، كان بموافقة واضحة منه.
وكشف راشد الغنوشي أن “لقاء جمعه بقائدالسبسي في باريس قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية تم خلاله الاتفاق على إشراك النهضة في الحكم إن لم تفز وهو ما تم فعلا”، مشيرا إلى أن “الذين يعتبرون حركة النهضة ونداء تونس قد خانا أصوات الناخبين هم لا يعرفون أن هذين الحزبين اختارا التوافق وبناء الدولة الديمقراطية”.
وقاد إشراك النهضة في حكومة الصيد إلى غضب اغلب قيادات نداء تونس مثل وزير الخارجية الطيب البكوش الذي أعلن أنه “سيظل يعارض النهضة حتى وإن تم إشراكها”، كما قاد إلى استبعاد الائتلاف اليساري “الجبهة الشعبية” التي يتزعمها عدو الإسلام السياسي حمة الهمامي.
ورفضت الجبهة الشعبية المشاركة في حكومة تتواجد فيها النهضة لتختار مقاعد المعارضة على الرغم من أنها تمثل القوة الانتخابية الديمقراطية الرابعة التي تحوز على 15 مقعدا في البرلمان، وأعلنت أنها لن تكتفي بمعارضة الحكومة وإنما “ستقاومها من داخل قبة البرلمان ومن خارجه في الشوارع”، في إشارة إلى أنها لن تتردد في تنظيم أو مساندة احتجاجات شعبية ضد الحكومة وما يمكن أن تقدم عليه من قرارات.
وأعتبر قائدالسبسي أنه “كان من الضروري أن تتمتع الحكومة بأغلبية عريضة داخل البرلمان للخروج من الأزمة، متابعا قوله ”ولا وجود لأغلبية عريضة دون النهضة”.
غير أن الأحزاب الديمقراطية العلمانية تتمسك بأنه كان من الممكن تشكيل حكومة تتمتع بأغلبية مريحة داخل البرلمان دون إشراك النهضة وذلك من خلال التحالف مع الجبهة الشعبية والمستقلين.
ولم يتردد عدد من قيادات الأحزاب العلمانية في تفسير إشراك النهضة في الحكم بـ”ضغوطات خارجية، أميركية تحديدا” الأمر الذي نفاه قائدالسبسي.
ومما أكد تلك الضغوطات الزيارة المفاجئة التي قام بها مؤخرا السيناتور الأميركي الجمهوري جون ماكين لتونس وخاصة اللقاء الذي جمعه براشد الغنوشي دون سواه من قيادات الأحزاب الأخرى وهو أمر رأى فيه السياسيون “دعما مفضوحا من واشنطن للحركة الإسلامية”.
وقال الرئيس التونسي إن “مشاركة النهضة في الحكومة لا تعبر عن موقفه الشخصي” مضيفا “إن كان الموقف متعلقا بشخصي لكنت ضد النهضة”.
واعتبر قائدالسبسي أن حكومة الحبيب الصيد “سياسية بامتياز لمشاركة عدد من الأحزاب فيها”.
غير أن مراقبين وسياسيين يقولون إن إشراك النهضة هز ثقة غالبية التونسيين في أول حكومة ديمقراطية لأنهم جربوها في الحكم وفشلت، إضافة إلى أن قرار إشراكها يعد إخلالا من قائدالسبسي بتعهده بعدم التحالف معها.
اترك تعليقاً