جميل أن ترى الشعب السوري المهجّر يعود إلى مدنه ويلتقي الولد والدته وأهله ويعود المغيّب إلى بيته ووطنه، جميل أم ترى أسرى نساء المسلمات يخرج من غيابات سجون نظام الأسد النصيري الذي بُني على قلة طائفية شيعية تحكمت لأكثر من أربعين سنة في أغلبية سكان سوريا السنية، جميل أن ترى عشرات من شباب أهل السنة كان من المتوقع أن ينفذ فيهم حكم الإعدام من النظام الطائفي بعد ساعة، جميل أن ترى ذلك الطيّار الذي قضى 45 سنة في سجون النظام لأنه رفض أن يضرب مدينة حماة التي انتفضت في سنة 1982 ضد الحكم الطائفي للأسد، جميل أن ترى أسرى أبرياء يُفكّ أسرهم من سجن ذا ثلاث طوابق تحت الأرض مع الروائح الكريهة التي تنبعث من الزنزانات، المناظر الجميلة كثيرة وكثيرة لشعب ذاق الإضطهاد على أرضه من طائفة جدور الكره فيها للشام وأهله ترجع بهم لمن قتلوا الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، لمن يتباكى على سقوط الأسد لماذا لم تتباكوا على اضطهاده لشعب بأكمله طيلة عقود من الزمن؟! لقد طالت يد غدر النظام كل طوائف الشعب السوري.
نعلم من حوادث التاريخ ومما يحدث الآن في أوطاننا أن الأعداء منا ومن خارجنا يتربصون بنا يدرسون تاريخنا بالتفصيل يعرفون جيدا مواضع الضعف والقوة ولا أحد يجادل في أن موطن قوتنا وعزتنا ونهضتنا هو التمسك بديننا فهو دستور حياة لا يفرط في كبيرة ولا صغيرة إلا عرّج عنها منها مُفصّل ومنها موجزٌ، فالحرب والعداء والمعركة معركة عقيدة يُستخدم فيها أغلب حكّمنا، فمن أتى بهم ومن مكّنهم من حكم بلادنا غير أعداء الأمة فهم جزء من المؤامرة وجزء من مشهد التخلف الذي نعيشه في جميع المجالات وعلى رأسها حقوق المواطنين وحريتهم. فالمشهد السوري الجديد الذي يطمح إليه كل سوري حر لن يُعجب الأعداء وسيحاولون الكيد وتغيير مشاهد الفرح إلى مشاهد محزنة كما فعلوا في العديد من الدول العربية التي طمحت للتغيير ما لم يتفطن السوريون ويديرون هذه المرحلة الحساسة بفطنة وذكاء مستعينين بالله أولا ثم بقدراتهم وبدعم من الدول الصديقة التي خاضت تجارب ليست هينة ولازالت تقارع الأعداء.
لن يهدأ للأسد ولا لمن حوله والمقربين له ولا للذين ارتكبوا جرائم بشعة ضد كافة طوائف الشعب السوري وخاصة السني منهم بال ولن يألوا جهدا لكيلا تتم فرحة الشعب السوري، كيف يهدأ بالهم وهم من حكموا بجبروت وطغيان وقتل وتنكيل للشعب لم نشهد له مثيل، والسجون والمعتقلات والمعتقلين الذين كتب لهم الله الحياة شاهدين أحياء على جرائم الأسد وشلته بمشاركة حزب الله وإيران، سيتحرك هؤلآء ولو بعد حين وسيختلقون وسيقتنصون الفرص المناسبة لوأد الثورة أو عرقلة الدولة الجديدة ما لم يُلجموا بقوانين صارمة وأيادي قوية لا تتيح لأحد اللعب بالدولة السورية أرضا وشعبا، ما لم تسلّم قيادة سوريا لأيدي وطنية إسلامية وما لم يشارك الشعب كاملا الآن قبل الغد في اختيار من يحكمه (الشورى) لإغلاق الباب أمام كل المتآمرين فقد يشكل ذلك خطرا على الدولة الجديدة.
لقد حققت الثورة السورية انتصارا عسكريا ساحقا بعد ثلاثة عشر سنة ويزيد بُدلت فيها الأرواح والدماء بالرغم من محاولة النظام تغيير التركيبة السكانية عن طريق القتل والتهجير، ولكن يبقى الإنتصار الذي لا يقل أهمية عن الإنتصار العسكري حتى تكتمل حلقات النصر هو الإنتصار السياسي للتمكين، فالإنتصار السياسي هو الذي سيمكن من تحقيق الأهداف وبدونه لن تتحقق أهداف الثورة وبدونه سيخسر السوريون انتصارهم العسكري الكبير الذي سيصبح حينها لا معنى له فالإنتصاران مرتبطين ببعضهما لا ينفصلان.
تحية إكبار للمقاومة السورية على انتصارها في قتالها لنظام طائفي نصيري شيعي بذلت فيه الغالي والنفيس لمدة 13 سنة بل أكثر من ذلك، أوقفت فيه بدماء أبنائها باب المد الشيعي الذي يستهدف الأمة برمتها كما نهنئ رجال المقاومة السورية والشعب السوري بكل طوائفه الذين لم يشاركوا في تهجير وسجن وتعذيب وقتل وتدمير أهلنا في سوريا وسجن واغتصاب أخواتنا هناك ونقول لهم إن ثورتكم لم تنتصر بعد لقد حققتم النصر العسكري ويجب ولا بد أن تحققوا النصر السياسي ليكتمل النصر والتضحيات، فالأعداء من الداخل والخارج يتربصون بكم ويشتغلون ويخططون ويتآمرون منذ لحظة الإنتصار في كيفية سرقة تضحياتكم الجمّة عن طريق السيطرة السياسية على مفاصل الدولة بطرق مختلفة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً