منذ البداية ليكون معلوما لمن يطلع على السطور التي أكتبها، بأنها استقاء وإعداد من خلال الاطلاع على الكثير من المواضيع ذات الصلة المنشورة على الانترنت، وبالتالي ليعذرني الخبراء والمتخصصين في حالة التقصير وخاصة أن المقالات التي تنشرها هذه الصحيفة هي بشكل مختصر وموجهة لغير المتخصصين للتوعية والتحفيز على الاستزادة مما تزهر به الانترنت من محتوى علمي وتكنولوجي يزداد بشكل مستمر.
السطور التالية لاعطاء لمحة حول التكنولوجيا الحيوية والتى دخلت فى العديد من المجالات الحياتية، وهنا التطرق الى مجال محدد وهو دورها فى الصناعة والتصنيع والمنتجات الناتجة من ذلك.
تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية التكنولوجيا الحيوية بأنها “تطبيق المبادئ العلمية والهندسية على معالجة المواد بواسطة العوامل البيولوجية”، أي أن التكنولوجيا الحيوية تستخدم الكائنات الحية لإنشاء منتجات مفيدة، حيث يتم الإنتاج باستخدام كائنات حية، مثل الخمائر والبكتيريا أو باستخدام مواد طبيعية مثل انزيمات من الكائنات الحية، وتستخدم التكنولوجيا الحيوية النظم والعمليات البيولوجية لتصنيع المنتجات اليومية المفيدة، وهى مطبقة على العديد من المنتجات الموجودة في البيت وتستخدم على أساس يومي، وتستخدم التكنولوجيا الحيوية الصناعية الإنزيمات والكائنات الدقيقة لصنع منتجات قائمة على أساس حيوي في قطاعات مختلفة، مثل المواد الكيميائية والمكونات الغذائية والمنظفات والورق والمنسوجات والوقود الحيوي، وهى واحدة من أكثر التكنولوجيات الواعدة.
التكنولوجيا الحيوية ليست مفهوما جديدا، حيث تستخدم المنتجات التقليدية مثل الخبز والجبن والزبادي عمليات طبيعية، ففي عام 1800 أثبت لويس باستور أن التخمر كان نتيجة للنشاط الميكروبي، ثم في عام 1928 تمكن العالم ألكسندر فليمنج من استخراج البنسلين من العفن، وفي الأربعينيات تم تطوير تكنولوجيا التخمير على نطاق واسع لصنع كميات صناعية من البنسلين، مما أفسح المجال للتكنولوجيا الحيوية الصناعية الحديثة كما هى معروفة اليوم.
أنتجت التكنولوجيا الحيوية الصناعية الإنزيمات لاستخدامها في الحياة اليومية وبالاخص قطاع التصنيع، ففي التكنولوجيا الحيوية الصناعية الرئيسية، ينطوي الإنتاج الميكروبي للأنزيمات، وهي بروتينات متخصصة، وتطورت تلك الإنزيمات في الطبيعة لتكون محفزات حيوية عالية الأداء تعمل على تسهيل وتسريع التفاعلات الكيميائية الحيوية المعقدة، وهذه المحفزات الإنزيمية المدهشة هي التي تجعل التكنولوجيا الحيوية الصناعية ذات قوة لانتاج كم كبير من المنتجات، وفيما بعد مجموعة قليلة من منتجات التكنولوجيا الحيوية الصناعية المستعملة فى الحياة اليومية على سبيل المثال لا الحصر:
- البلاستيك حيث تستخدم المواد البلاستيكية الحيوية المصنوعة من البوليمرات الحيوية على سبيل المثال، في تغليف المواد الغذائية والاجهزة المختلفة والنظارات والأقلام وعبوات العناية الشخصية لمنتجات مثل الشامبو والبلسم.
- الأقمشة وقد استخدمت الأقمشة في معظم هذا العصر، وربما تكون عملية التخمير أقدم عملية صباغة معروفة، والبوليستر هو عبارة عن ألياف بوليمرية اصطناعية يتم إنتاجها من الوقود الأحفوري ويستخدم لصنع الملابس والبطانيات والسجاد وغيرها من الأقمشة، كما تستخدم العديد من المواد الكيميائية الحيوية في إنتاج الأصباغ وعوامل الدباغة والنايلون والبوليستر، وكلها مواد حيوية في إنتاج المنسوجات للسجاد والملابس والتنجيد.
- منتجات منزلية كالمنظفات والغسيل حيث تأتي مثل هذه المنتجات إما مباشرة من الخلايا، أو مصنوعة باستخدام الإنزيمات المأخوذة من الخلايا بطريقة معينة بخطوط الإنتاج من الانزيمات، يضاف الى ذلك استخدام الانزيمات والخلايا كأدوات لصنع منتجات التكنولوجيا الحيوية، فيمكن أن تكون الخلايا والإنزيمات منتجات للتكنولوجيا الحيوية نفسها، فعلى سبيل المثال: الزبادي بروبيوتيك وبرغر الخضروات وفول الصويا، حيث تحتوي على الخلايا الميكروبية، وتستخدم الانزيمات في غسل المنظفات وتجهيز الأغذية ومستحضرات التجميل وأكثر من ذلك بكثير.
- منتجات العناية الشخصية حيث في المستقبل سوف تحتوي العديد من المنتجات الاستهلاكية المختلفة على مواد مشتقة من المواد الأولية القائمة على المواد البيولوجية، ويمكن استخدام المواد البيوكيميائية في عمليات لصياغة منتجات العناية الشخصية مثل الماكياج والشامبو والعناية بالبشرة، فألياف السيليلوز التى يمكن استخلاصها من المواد الخام لاستخدامها في المركبات كبديل للزجاج، وفي العديد من التطبيقات التي تحتاج إلى الامتصاص، مثل استخدامها في الحفاضات والمنتجات الصحية.
- الوقود الحيوي اذ يتم إنتاج الجيل الأول من الوقود الحيوي عن طريق تخمير السكريات المستمدة من النبات إلى الإيثانول، عن طريق تحويل الزيوت النباتية إلى الوقود الحيوي، وبالتالى فهي تتطلب محاصيل مثل قصب السكر والذرة والقمح والبذور الزيتية أو بنجر السكر، ويتم خلط الوقود الحيوي مثل الإيثانول الحيوي والديزل الحيوي مع البنزين والديزل لتلبية التشريعات بشأن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويتم مزج الوقود الحيوي في وقود النقل البري ليمكن أن يقلل من تأثير الكربون ويسمح توجيه جودة الوقود بإدخال ما يصل إلى 10٪ من الإيثانول في البنزين، وإن الحد من البصمة الكربونية من خلال إنتاج وقود الطيران من المواد الأولية القائمة على المواد البيولوجية هو أيضا في مرحلة التطوير بشكل كبير، مع بناء منشآت حيوية لإنتاج وقود بديل منخفض الكربون إلى وقود الطائرات المشتق من الوقود الأحفوري.
- توفير الطاقة والحرارة في البيوت حيث يمكن حرق الغاز من المصانع البيولوجية لإنتاج الحرارة والطاقة، ويمكن حقن الميثان مباشرة في شبكة الغاز لتدفئة المنازل وإنتاج الكهرباء.
- الاطعمة والمشروبات اذ تستخدم صناعة الأغذية والمشروبات العديد من المنتجات التي يمكن إنتاجها باستخدام المواد الكيميائية الحيوية، كالنكهات والعطور والمحليات وعوامل التضرر ومنظمات الحموضة التي تُستخدم في مجموعة واسعة من المنتجات الغذائية، كما يمكن لمصانع الأدوية البيولوجية أن تستخرج المواد المغذية مثل المكملات الغذائية والمنتجات العشبية، ويمكن استخدام المواد الكيميائية المتخصصة للمساعدة في نضج الثمار الجاهزة للبيع.
- الرعاية الصحية حيث يمكن أن تقدم التكنولوجيا الحيوية الصناعية فرصة كبيرة لتطوير الأدوية التي يصعب إنتاجها عبر وسائل أخرى بسبب مشاكل التعقيم والطهارة، ويمكن استخدام المعالجة الحيوية لتطوير مسارات جديدة لتحويل المواد الخام منخفضة التكلفة إلى منتجات ذات قيمة عالية، بما في ذلك المستحضرات الصيدلانية الفعالة وموادها الوسيطة ويمكنها أن تساعد في تطوير أدوية جديدة.
اترك تعليقاً