مفهوم التطبيع يُعبر عن عملية إقامة وتعزيز العلاقات متجاوزا التوترات السابقة، فقد يواجه التطبيع تحديات مثل ردود الفعل السلبية والتحديات الأمنية والسياسية، ومع ذلك يمكن أن يوفر التطبيع فرصا اقتصادية وثقافية وسياسية جديدة، ويسهم في تحقيق التنمية والتعاون، إلا أن التطبيع يتطلب رؤية استراتيجية وتفهمًا للتأثيرات المحتملة.
عندما يتعلق التطبيع بين العرب وإسرائيل فالمسار فيه يكون بالغ التعقيد، ببساطة لأنه لا يمتلك أي مقومات لنجاح استراتيجية التطبيع، فالقضية الفلسطينية تظل مسألة محورية بين الأطراف المعنية، حيث يعتبر الاحتلال الإسرائيلي وحقوق الشعب الفلسطيني أحد أهم النقاط الخلافية، وتاريخ التوتر والصراعات العسكرية السابقة يترك آثارا عميقة على العلاقات بين الجانبين ويصعب تجاوزها، كما توجد اعتقادات ومشاعر قوية ومتضاربة لدى كثير من الأفراد والجماعات العربية تجاه إسرائيل تعيق عملية التطبيع وتثير جدلاً وانقسامًا، تأثير العوامل الإقليمية والدولية مثل تدخلات القوى الكبرى والتوترات الجيوسياسية، يجعل مهمة التوصل إلى الاتفاقات والتفاهمات غير مطروحة ومستحيلة، كما أن ضعف الثقة وعدم وجود أي إطار يسمح بالحوار والتفاهم بين الأطراف يعيق عملية أي بناء بين العرب وإسرائيل.
الشعوب العربية ترفض تماما أي علاقات سياسية بين حكوماتها وحكومات إسرائيل، وما حدث في ليبيا مؤخرا عندما أفشي خبر لقاء وزير الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية “نجلاء المنقوش” بوزير الخارجية الإسرائيلي “إيلي كوهين” في إيطاليا، حيث زعم رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” بأن تسريب الخبر من جانبهم لا يصب في مصلحة سياستهم.
ردة فعل الليبيين كانت طبيعية لشعب عربي مسلم درس إسرائيل من القرآن الكريم قبل التاريخ، وعاصر غزوهم للعرب، وزحفهم المستمر لتوسيع رقعتهم الجغرافية في العالم باحتلال أراضي العرب، إلا أن غضب الليبيين وإن كان عفويا، فلا يمكن تجاهل أن ليبيا اليوم تعاني الانقسام والصراع المستمر على السلطة، وانتهاز الفرص للنيل من الخصوم، مم يجعل ذلك بغض النظر عن مصالحَ غير مضمونة للأطراف الليبية المتنازعة، لتبقى المصلحة المحققة جراء كل ذلك تصب في تحقيق أهداف إسرائيل كلما تزعزع استقرار العرب فيما بينهم أمة وشعوبا.
اترك تعليقاً