جاء إعلان الناطق باسم الحكومة الليبية ناصر المانع أمس الخميس عن تعديل وزاري وشيك في حكومة عبد الرحيم الكيب بعد تضارب الأنباء طيلة الأيام الماضية والتي بلغت حد الحديث عن سحب الثقة وإقالة رئيس الوزراء نفسه. لكن مسؤول السياسات في المجلس الوطني الانتقالي فتحي البعجة اعتبر الإعلان “تكتيكا” لبقاء السلطة التنفيذية (الحكومة) في السلطة، مؤكدا أن 54 عضوا في الانتقالي اتفقوا على سحب الثقة.
ورأى البعجة أن حكومة الكيب “فاشلة ومشلولة” متحدثا عن إخفاق كبير في ملفات الدفاع والأمن والصحة وإهدار المال العام وعمليات دمج الثوار واستيعابهم.
وكشف عن كتائب “وهمية” أسست بعد إعلان التحرير في 23 أكتوبر الماضي من أجل ابتزاز الدولة والحصول على الأموال.
وأكد البعجة موقفهم السابق أنه “على الكتائب الأمنية والعسكرية الانخراط في المؤسسات العسكرية والمدنية، وأنه لا شرعية خارج شرعية وزارتي الدفاع والداخلية”، وتساءل كيف تعطى الأموال لمجموعات مجهولة وأجسام غريبة؟
وذكر أن المجلس لم ترد إليه تقارير مفصلة، وليس لديه علم بعدد أفراد الجيش والشرطة وحرس الحدود، وقال إنهم لم يشاهدوا أي خطة لحماية المنافذ الليبية التي تسيطر عليها مجموعات ترفض الشرعية في الباطن من بينها مجموعة تنتمي لقبيلة في الغرب تسيطر على مطار طرابلس الدولي، بالإضافة إلى بقاء فلول نظام العقيد الراحل معمر القذافي في مناصبهم القيادية حتى الآن.
وأضاف البعجة أن الفشل انعكس في العمليات “العنيفة” التي وقعت في عدة أجزاء من البلاد والاغتيالات السياسية في مدينة درنة وأعمال مضادة للحريات صادرة عن مجموعات دينية “متشددة” والهجوم على مقراتهم وإهانة رئيس الوزراء الكيب والنائب العام عبد العزيز الحصادي.
وتحدث عن إهدار المال العام، مؤكدا أنه في مجال الصحة بلغت الديون على ليبيا لدى المستشفيات الخارجية ملياري دينار ليبي (الدولار يساوي 1.28 دينار) بعد تسديد مبلغ 1.8 مليار دينار.
واعترف مسؤول السياسات بالمجلس الانتقالي بعدم قدرتهم على محاكمة رموز النظام السابق من بينهم سيف الإسلام القذافي لغياب القضاء وشروط المحاكمة العادلة، مؤكدا أنه حتى الآن لم تتمكن أجهزة الشرطة من إرجاع 17 ألف مجرم هارب من السجون، وقال إنه لا يود إثارة الخوف والذعر بقدر حديثه عن الواقع، مضيفا أن بقاء الحكومة من شأنه زيادة حدة التوتر وقد يدفع بالبلاد إلى حافة حرب أهلية.
بدوره أكد عضو المجلس الانتقالي عبد الرزاق العرادي أن الكرة في ملعب رئيس الحكومة الذي إذا رأى أنه من المناسب إجراء التعديل حتى يتمكن من تحقيق رغبات الشارع، فإن المجلس سوف يوافق على التعديل، لكنه قال إنه على رئيس الوزراء تفعيل صلاحيات والعمل على تفكيك المركزية.
وردا على مدى تخوفهم من دخول ليبيا في أزمة سياسية قبل الانتخابات، قال إن العقد بينهم وبين الشعب إجراء الانتخابات في موعدها المقرر.
وقابلت شخصيات سياسية ليبية الإعلان عن التعديل بحذر شديد، خاصة وأنه يأتي على أبواب انتخاب المؤتمر الوطني التأسيسي في يونيو
رئيس حزب العدالة والبناء المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين محمد صوان قال إنه يدرك أن الوقت المتبقي لا يحتمل أي تعديل وزاري، لكنه يؤيد صراحة أي قرار يحقق الاستقرار.
ويخشى السياسي محمود الكيخيا من تأثير التعديل على استقرار ليبيا في الوقت الحالي، وقال إن المشهد برمته “ضبابي” مؤكدا أن قرارات رأس الدولة -في إشارة إلى الانتقالي- لا تبشر بخير، مستبعدا نظرية المؤامرة لتعطيل مسار الديمقراطية.
وحذر الناشط السياسي إدريس بن الطيب في حديث مع وسيلة إعلام ليبية محلية من القرار، وقال إنه يضع مستقبل البلاد في مهب الريح، وتوقع فراغا سياسيا كبيرا إذا تأجلت أول انتخابات تشريعية بعد إسقاط نظام القذافي.
وبينما وصف رئيس تحرير صحيفة الشفافية عبد الحفيظ التاجوري الإعلان بأنه خطوة متأخرة لن تصب في مصلحة الاستقرار، تحدثت شريحة واسعة من الليبيين عن مخاطر التعديل الوزاري من بينها الموظفات رجاء الجمل وصباح الدامي وأمية المداري، واتفقن على أنه حتى من يملك عصا موسى لن يقدم جديدا في غضون ستين يوما.
اترك تعليقاً