المؤكد أن هناك نقابات مهنية بعديد المواقع الإنتاجية والخدمية وهذه جميعها تشكل الاتحاد العام للعمال في ليبيا ومهمتها الدفاع عن حقوق الشغيلة في كافة القطاعات ومحاولة الرفع من مستواهم المهني لأداء عملهم على أكمل وجه، كما أن الاتحاد يسعى جاهدا إلى الرفع من مستوى منتسبيه المعيشي بما يتناسب مع أسعار السلع والخدمات السائدة في البلد.
في عديد البلدان ومنها دول الجوار، كان لاتحادات العمال دور فاعل في التخفيف من الأعباء عن كاهل العامل بسبب الأزمات التي عادة تسببها الحكومات بتصرفاتها غير المسئولة من خلال عدم قدرتها على إدارة موارد الدولة مهما كانت بسيطة، فما بالك بدولة كانت وإلى الأمس القريب تغص خزينتها بعديد الأوراق النقدية المحلية والعالمية إضافة إلى أطنان من الذهب، ولأن من يتولون زمام الأمور في البلد سواء الذين تم انتخابهم أو من أتوا بإيعاز من دول أخرى ومؤسسات دولية (البنك الدولي وتوأمه الصندوق)، تهدف بالأساس إلى القضاء على تلك المدخرات والعمل على ارتهان البلد حاضرا ومستقبلا لإملاءات هذه الدول وتلك المؤسسات لتصب إيرادات البلد في خزائنهم من خلال إجبار البلد على الاقتراض بأسعار فائدة، وما يستتبع ذلك من ارتفاع فاحش في أسعار السلع والخدمات، ما يجعل العامل غير قادر على الإيفاء بالتزاماته نحو أسرته ما قد يجبره في البحث عن عمل آخر لسد رمقه وقد يؤدي ذلك إلى عجزه عن تعليم أبنائه، فيتركون مقاعد الدراسة ويتجهون نحو العمل غير المهني، وقد يؤدي ذلك إلى وقوعهم في قبضة أرباب عمل كل همهم جلب المال وبأية وسيلة، فتحدث الانحرافات وتضيع أجيال.
عديد الشركات العامة أصابها الإفلاس بسبب عدم قدرتها على توريد بعض مستلزمات التشغيل بفعل تغير سعر الصرف، الناتج عن تعويم الدينار الليبي بنسبة تفوق 75% وبعضها لحقت بها أضرار مادية جسيمة، نتيجة الحروب العبثية لأجل السلطة وتحقيق مصالحهم الشخصية، فأصبح العمال بلا رواتب ولأشهر عديدة وصلت لسنوات من التأخير، ومنها على وجه الخصوص الشركات العامة في مجال النقل الجوي، بينما يغط الاتحاد في نوم عميق وكأنما الأمر لا يعنيه، فهل يفيق من سباته ويقف إلى جانب الشغيلة التي كونته وارتأت فيه سندها عند اشتداد الأزمات.
الأوضاع الاقتصادية في البلد أصبحت لا تُطاق، القبضة الأمنية للميليشيات التي تتقاسم السيطرة مع حكومة الوحدة الوطنية (تبادل مصالح) أصبحت هي الأخرى أحد معالم العاصمة والغرب الليبي على وجه العموم، فأعمال الاختطاف ومن ثم طلب الفدية أو القتل لم تنقطع، خروج العامة في مظاهرات بالميادين والساحات للتعبير عن سخطهم وعدم رضاهم أصبح محفوفا بالمخاطر، بالكاد يسمح للبعض بحمل بعض الشعارات المعبرة في ميدان الجزائر والذي أطلق عليه ولفترة محدودة ميدان قطر؟! وهو ميدان صغير وحضور إعلامي بسيط (مجرد رفع العتب).
الانتخابات التي يُعوّل عليها الكثيرون في ظل الأوضاع الراهنة لن تكون ذات جدوى، فأراذل البشر الذين يحكموننا قد يعيدون تدوير أنفسهم، فالمال الانتخابي والسطو المليشياوي سيكون الفيصل.
ربما وفي ظل الأوضاع الراهنة حيث فشلت كافة المحاولات لتحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية، فإننا نعول على الاتحاد العام لعمال ليبيا ونعتبره الجهة الوحيدة القادرة على تحريك آلاف البشر للتظاهر بمختلف الميادين والساحات وإجبار السلطات (المدنية والانكشارية) على الاستجابة لمطالب الشعب بتحسين الأوضاع المعيشية والأمنية أو الرحيل، ولنا في الاتحاد العام التونسي للشغل خير دليل، لقد قارع الحكومات التونسية التي كانت قبضتها من حديد، فألزم بعضها على التراجع عن قراراتها لصالح الناس، وأجبر أخرى على الرحيل.
ترى هل يفعلها الاتحاد العام للعمال (الذي يضم كافة شرائح المجتمع ولم يتهم بالجهوية أو الإيديولوجية) ويكون الرقم الصعب بما يمثل من زخم شعبي؟ أم أنه هو الآخر يتبع السلطة؟ أم أنه يخشى على نفسه غضب السلطة ومليشياتها فيركن إلى المهادنة؟ أسئلة الإجابة عنها برسم قادة الاتحاد، نتمنى أن يكون عند حسن الظن، فالجماهير سئمت تواجد الوجوه المقرفة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً