في بنغازي، اختطف المتشددون المداخلة أُمّ أحدهم، يدعى صلاح الحاسي، اقتحموا بيتها منذ أشهر ونقلوها إلى جهة مجهولة بحجة أنها ساحرة أو (تقازة) كما يقال في اللهجة الليبية المحلية، وغالبا فإن المكان الذي نقلت إليه هذه المرأة هو سجن سري تابع للمداخلة في أحد مقراتهم بمنطقة سي فرج بضواحي بنغازي، أو سجن آخر سري أيضا يقع داخل وكر كتيبة التوحيد السلفية في منطقة الهواري وتحديدا داخل ما كان يعرف بمزرعة معمر الواقعة في الطريق إلى مصنع الأسمنت بالهواري.
المرجح عندي أن هذه المرأة قُتِلت (ولا أتمنى ذلك ولا أحبه لمسلم وأنكره بلساني وقلبي) فهذا دأب المداخلة وهذه أفعالهم، فهم إما أن يرتكبوا جريمة القتل بأنفسهم أو يصدروا الفتوى بالقتل ويوفروا لها الغطاء الشرعي بالتحايل الخبيث على النصوص القرآنية والنبوية الشريفة كما يفعلون مع مجرم الحرب محمود الورفلي وبقية القتلة الآخرين ممن منحوهم الفتاوى لقتل المشائخ كالشيخ نبيل ساطي والشيخ طارق الدرسي وغيرهما.
المهم أن أحد أبناء هذه المرأة واسمه صلاح يستجدي حفتر ويتوسل إليه ويطلب منه حلا سريعا وتدخلا فوريا لمعرفة مصير أمه المسكينة، بعد أن قال له إن الكيل قد فاض بعائلتها، وإمعانا في الذل المهين جدا يخاطب هذا الابن حفتر بأنه وإخوته من السبّاقين في المشاركة في “حرب الكرامة” في بنغازي ودفعوا ثمنا لذلك قتلى وجرحى.
المهم.. هذا الشاب يذل نفسه ويستجدي مجرما ليعرف مصير أمه رغم أنه يعرف تماما من اختطف أمه وإلى أين نقلت، هذا بدل أن يدرك ويتعقل أن بنغازي لا تحكمها سوى عصابات تخطف وتقتل وترمي الجثث على قارعة الطريق في غياب تام للقانون.
كان من المفروض في هذا الشاب أن يقيم الدنيا ولا يقعدها ليعرف مكانه أمه عبر شتى الوسائل والطرق، سياسيا وحقوقيا ودوليا وأيضا قبليا واجتماعيا، ولكنه الذل في أقوى تجلياته، الذل الذي أجبره قسرا على الصمت وعدم مجرد الإشارة إلى خاطفي أمه الحقيقيين رغم أنه يعرفهم جيدا ويعرف مقراتهم وسجونهم السرية، الذل الذي يعيش في كنفه أهالي بنغازي مكرهين بعد أن تعرضوا إلى خديعة كبرى من حفتر وعصابته وفرطوا في مدينتهم وأبنائهم، والآن وقع الفأس في الرأس وابتلع أهالي بنغازي السكين بدمه وليس لهم إلا الصمت أو استجداء حفتر للتدخل وحمايتهم من العصابات التي تتربص بهم، وهو لا يأبه لهم ولا يعيرهم أصلا أي اهتمام، بعد أن بنى هو وأبناؤه وبنو عمومته إمبراطوريتهم على جماجم الآلاف من أبناء ليبيا، وخصوصا برقة التي رعت الإجرام الحفتري فكان جزاؤها من الله عز وجل الإذلال وتمريغ كرامتها في التراب.
إنه الثمن الباهظ الذي تدفعه برقة لأنها فرطت في الأخيار من أبنائها مقابل أن تكون رهينة رخيصة لأحلام عجوز سبعيني قذر فاسد لا يريد سوى أن يحكم الليبيين ويعيدهم إلى حظيرة الذل والاستبداد.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً