الدعاية بأنك مسلم ملتزم بإلاسلام شيء ، والالتزام والتطبيق العملي شيء آخر. فإلاسلام ليس شكليات ومناداة على المنابر بتطبيقه فقط ، فأما أسهل الشكل والتنظير ، بل هو التزام داخلي في النفس ، يظهر على التصرفات والأفعال. وهو ما قصده صلى الله عليه وسلم بقوله : “ما سبقكم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام , ولكن سبقكم بشيء وقر في قلبه”.
تم تقسيم الانتخابات الماضية لنظامي الفردي والقوائم ، وإن كان لنا معنى وتفسير مختلف لمعنى الفردي هاهنا ، ألا أن الذي جرى عليه العرف الدستوري أن المقصود بالفردي المستقلين الغير منتمين إلى أحزاب . لا بل أن المحكمة الدستورية المصرية ألغت نتائج الانتخابات البرلمانية لعدم دستورية مادة في قانون الانتخابات تسمح بالمنتمين للأحزاب بالمشاركة في نظام الفردي ، فما بالك بأن هذه المادة لا توجد لدينا أصلاً في قانون الانتخابات الليبي.
إذا خالفت ذلك وكنت حزبياً ، واستغليت انتمائي الحزبي ورشحت نفسي للانتخابات على النظام الفردي فأنا غاش لنفسي وللناس ، فكيف يؤتمن من كان هذا ديدنه كنائب للشعب ؟ اللهم ألا إذا كانوا مستندين إلى جزئية في فقه المصالح والمفاسد تفسر وفقاً لطبيعة الإنسان وأخلاقه ومعدنه ، مؤداها جواز ارتكاب المفسدة إذا أدت إلى مصلحة أكبر . والمفسدة لديهم هنا الترشح على النظام الفردي والمصلحة هي السيطرة على المؤتمر الوطني.
كيف رشح وفاز المنتمين لحزب الإخوان المسلمين في ليبيا ( العدالة والبناء ) والجبهة الوطنية للإنقاذ على مقاعد الفردي ؟؟ والطامة الكبرى أن العديد منهم ينادي ويريد ويصر بتطبيق شرع الله على الليبيين !!! طبقه على نفسك أولاً ولا تغش الناس وتنتهك قانون الانتخابات ، تلك القوانين التي ستحلف أنك ستحترمها !!!
هذا ذكرنا بصديق لنا ، إسلامي متعصب ، يريد تطبيق شرع الله لو بيده ، لكنه يصل التيار الكهربائي بالمنزل معطلاً العداد الكهربائي ( ليست سرقة على فكرة ) ، و ( زاقب في شقة للدولة ) أفتى له شيخ كما قال . ويتحصل على مرتب بدون عمل بدون أن يذكر للمركز الوطني أن لديه عمل خاص يقتات منه ( ليس غش وكذب على فكرة ) . يفعل كل هذا ويريد تطبيق شرع الله !!!!!! وهكذا ( الواضح أن تطبيق شرع الله له معايير متفاوتة ).
أما الشيخ الصادق الغرياني فوقع فيما حذرناه منه مسبقاً ، لا بل ظهر بمظهر لم نقبله ونرتضيه له عندما أنكر قول أشياء وهو قائل لها فعلاً ، ربما السنون فعلت فعلها بالذاكرة لدى الشيخ.
ذكرني الشيخ بمذهبة الدين قديماً ، حيث كان يقصد بالشريعة الإسلامية عند الحنبلي المذهب الحنبلي والحنفي المذهب الحنفي وهكذا ، لا بل كان كل مذهب يتخذ ركناً من الكعبة ليصلي صلاة الجماعة لوحده.
استغلال المنصب العام والدين لنصرة الفهم السلفي التقليدي الذي يناصره الشيخ فعل شنيع وسقطة مريعة ، فما بالك إن أراد نصرته من خلال السياسة.
للشيخ ونحن له ناصحين ، ووالله ليس في قلوبنا مقدار ذرة من عداء أو خصام معه ، بل لقناعتنا بأن منهجه سيقوده وتياره إلى إشكاليات سياسية ودينية عميقة. ولقناعتنا بدور المشايخ في ليبيا الجديدة من الدعوة للإسلام السمح وترسيخ الأخلاق بين الناس وتعميق الالتزام بها ، فنحن مختصون بالقانون الجنائي ونعلم بقناعة مدى أثر غياب الأخلاق أو ضعفها واتصالها بالجريمة وزيادة معدلاتها.
أما ما يفعله الشيخ وغيره فسيذهب بهيبة المشايخ ويعطل دورهم ويمسون كمفتي السنة أو الشيعة أو بطرك الموارنة في لبنان طائفيين دخلوا السياسة لمذهبتها فسيست السياسة مذهبهم عوض ذلك وأضحوا أطرفاً ينظر لهم كخصوم لا بل كأعداء في نظر الآخرين.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً