نحن مقبلون في ليبيا على انتخابات لرئاسة الدولة وبغض النظر عما يشوب هذه الإنتخابات من عدم وجود دستور يحدد اختصاصات الرئيس وبقية مؤسسات الدولة وتحديد نظام الدولة وبالرغم من التدخل الواضح لبعض الدول الغربية وأمريكا وروسيا خاصة في كل شاردة وواردة للحد الذي يذهب فيه بعضا من هذه الدول بدعم وتأييد أسماء بعينها مستخفين وضاربين عرض الحائط بإرادة شعب كامل وبالرغم من كل ذلك وكما يقال مالا يدركُ كله لا يترك جلّه بمعنى أننا إذا لم نستطع أو بالأحرى هناك من يقف حجر عثرة في إعداد دستور للبلاد ويقف حائلا أمام خروجها من المختنق الذي هي فيه علينا أن نتعامل مع الواقع بحنكة وحكمة فإذا لم نتحصل على كل ما نريد كالإعداد الشامل لانتخابات نزيهة نصل من خلالها إلى بر الأمان علينا ألاّ نترك الأمر كله ليتلاعب به سفهاء البلاد وخارجها بل علينا أن نشارك قدر الإمكان لننال ونحقق ولو جزءًا مما نريد فذلك أفضل من الترك بالكلية.
فالانتخاب هو اختيار وانتقاء المستحق للمهمة المنتخب من أجلها، فهو إعطاء الناس حرية اختيار الفرد الذي مفترض أن يحقق لهم أمانيهم فهي أمانة ممن ينتخبُ للمنتخب وطالما هي أمانة فعلى من ينتخب أن يختار الشخص المشهود له بالعفة والأمانة القوي التقي الذي ليس له سوابق خاصة ونحن شعب يدين بالإسلام الذي يقدّس الأمانة ويحاسب كل من يتلاعب بها فعلينا أن نتخذ اختيار الرئيس أو غيره قربة نتقرب بها إلى الله فولاية الناس أو رئاستهم هي في الأصل لتحقيق مصالحهم الخاصة والعامة وبالتالي مصالح الدولة فلا قيام ولا تحقيق للمصالح الدنيوية ولا الدينية إلّا باختيار وانتخاب الرئيس وما دونه بالضوابط المذكورة، فلا أعتقد أنه من الدين أن ننتخب فاسق أو فاجر أو مخادع أو مختلس للمال أو محارب لدين الله؟ كما يجب أن نعلم بأن المواطن هو الأصل أما الرئيس وغيره ممن ينتخبهم هم وكلاء له لتنفيذ ما وكّلهم وما ائتمنهم عليه فلولا المواطن ما وجد الرئيس.
فما أحوجنا عند الإختيار إلى الإخلاص وإلى المعايير التي تساهم في انتخاب رجل يحقق مصالح الناس ويجب ألّا ننجر وراء مصالح زائلة نضيّع فيها أمانتنا عند الإختيار، فالإختيار أمانة تحقق كما أسلفنا مصالحنا الخاصة والعامة فإذا ضيعناها ضاع منا كل شيء، جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائلا متى الساعة؟ فأجاب الرسول: “إذا ضُيِّعَتْ الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها قال إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة”، فهل نكون نحن من يساهم في إسناد الأمر “الرئاسة” لرجل لا يستحقها لنستحق نحن العقاب على الاختيار السيء أم نختار غير ذلك؟؟
كلمة أخيرة إحذروا المال الفاسد الذي قد يستخدم لشراء الذمم وكذلك الإعلام المضلل فنحن في عصر تُقلب فيه الحقائق رأسا على عقب يزيّن فيه السارق والفاسق ويشوّه فيه النقي التقي ويلبس فيه بين الحق والباطل فتصغّر فيه الحقيقة ويُكبّر فيه الباطل وأصحابه ويسوّق لهم وإذا تدخّل المال والإعلام بطريقة غير صحيحة سينتخب من هو ليس أهلا ويترك الأصلح والأكفأ فإختيارك لفرد من الأفراد هو شهادتك فيه بالصلاح والكفاءة والقدرة والأمانة والله تعالى يقول في ذات السياق: “سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ”، الزخرف:19.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً