اعتصم المئات من رجال الشرطة الجزائريين خارج المقر الرئيسي للحكومة في الجزائر العاصمة الأربعاء للمطالبة بتحسين ظروف العمل في ثالث أيام احتجاجاتهم.
وربطت أحزاب سياسية احتجاج أفراد الشرطة بغرداية، وبالعاصمة، بالوضع العام السائد في البلاد، وأجمعت على أن غياب الرئيس بوتفليقة عن المشهد السياسي، وعدم مخاطبته الشعب، وتراكمات واقع ما بعد انتخابات العهدة الرابعة، أنتج مثل هذه الفوضى، في مؤسسات البلاد.
ويحذر مراقبون من خطورة الذي آلت إليه حالة رجال الأمن في الجزائر، مشيرين إلى أن إقدام جزء منهم على التظاهر يمثل ناقوس خطر ويبعث برسالة جوهرها أن عناصر الأمن أيضا قد ضاقت ذرعا بحال البلاد الآخذ في التدهور في وضع إقليمي مشتعل.
وأكد علي بن فليس، المترشح السابق لرئاسيات 17 أفريل/نيسان، أن “نزول قوات الأمن إلى الشارع للتعبير عن تذمرها من أوضاعها الصعبة التي أضحت لا تطاق، يعد سابقة في تاريخ البلد تستوجب الوقوف عندها”.
وأوضح في بيان له الثلاثاء، أن “وضعية قوات الأمن دقيقة ويجب أن تعالج بحكمة وتبصّر على أساس المطالب المشروعة التي تحتوي عليها ومقتضيات مهامهم في خدمة الدولة”.
واشار إلى أن “التطورات المأساوية التي عادت لتعيشها هذه المنطقة الغالية من بلادنا، ما هي إلا نتاج لأزمة أعمق لم تتمكن ولم تحسن حكومة غير مبالية وغير جادة ولا مسؤولة من تقديم حل في مستوى حجمها ومدى تعقدها”.
ويرى بن فليس أنه “لا جدال أن من خلال الأوضاع التي تعيشها غرداية ذاتها تتجلى لنا حقيقة من حقائق شغور الحكم والتبعات الهدامة التي تمني بها الشأن العام”.
وتساءل بن فليس “هل كان للمسؤول الأول في البلاد كلمة واحدة قالها أو حركة واحدة قام بها كي يثبت أنه مهتم بمشاكلها ويعمل على حلها؟”.
واضاف أن “الحكومة التي هي في حالة شلل شبه كامل، ألم تُتخم هذه المنطقة بضمانات واهية وبوعود لم توف، مؤكدة بذلك لامبالاتها ولا جديتها ولا مسؤوليتها”.
وتساءل أيضا عن دور البرلمان في وقت تبلغ الوضعية في غرداية درجة غاية من الخطورة، معتبرا “أن ذوبان السلطة وانحلالها المتزايدين هما أول مصدر لدوام هذه الأزمة وتفاقمها”.
ويحذر مراقبون من تبعات الفوضى في غرداية واحتجاجات الشرطة وغياب الرئيس الجزائري الذي لم يظهر رغم خطورة الوضع الذي قد يتأجج ليعم البلاد.
وقال جيلالي سفيان، رئيس حزب “جيل جديد”، لـصحيفة “الخبر” الجزائرية، بأنه “هذه المرة الأولى التي يتظاهر فيها رجال شرطة منذ 1962، إن الرئيس غائب عن الأنظار وسبق وقلنا قبل انتخابات الرئاسية لـ17 أفريل الماضي، إن الرئيس بوتفليقة سوف يعود إلى بيته ويترك البلاد في دوامة من الفوضى العارمة التي لا تحمد عقباها، وها قد وصلنا إلى هذا الوضع”.
واثارت هذه الاحتجاجات سخط السياسيين الذين عبروا عن اسيتائهم من مؤسسة الدولة ورجالاتها الذين تركوا مصالح البلاد ليهتموا بمصالحهم الشخصية ما زاد من تردي الاوضاع رغم الثروة النفطية الهائلة للبلاد.
وعلق عبدالرزاق مقري، رئيس “حركة مجتمع السلم”، على احتجاج لأفراد الشرطة بالقول “هذا مظهر آخر من المظاهر الأكثر سوءا مما مضى، ويظهر جليا أن الحاصل بغرداية تحول إلى مشكل داخل السلطة نفسها، لما أصبحت مؤسسة دولة تحتج ضد مؤسسة الدولة”.
وأضاف مقري “إنه أمر غير مسبوق ويدل على تحلل السلطة وتخبط كبير، والفاشل الأول هو المسؤول الأول في السلطة”.
وتساءل مقري “هل يعقل أن تحدث مثل هذه الأمور ولا يخرج رئيس الدولة لمخاطبة الأمة، إنه وضع خطير”.
وقال العضو المؤسس في حركة “رشاد” الجزائرية المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتون حول اسباب الاحتجاجات “إحتجاجات عناصر الشرطة، الأولى من نوعها، مردها لأسباب عديدة ومن أهمها إلقاء اللوم على عناصرها في الفشل في وقف التصادم بين المتنازعين، وفي إطلاق سراح الموقوفين وفي الضغوطات الرهيبة الممارسة عليهم من قبل كبار مسؤوليهم، مما أدى إلى إنهيارات نفسية وإنتحارات وإستقالات في صفوفهم. هذا الحال البائس هو واقع يومي لأكثرية عناصر الشرطة والدرك في المدن والقرى الجزائرية، التي تعاني من ضغوطات رهيبة رغم الإمكانيات المادية والبشرية الهائلة التي تتوفر عليها، ورغم عددها- شرطة ودرك- الذي يزيد عن 400 ألف عنصر”.
وأضاف “أخطر ما يواجهه عناصر الأمن يوميا هو تفشي مريع للأعمال الإجرامية، بما فيها القتل في وضح النهار، والسرقات بكل أنواعها، والصراعات بالأسلحة البيضاء بين الأحياء، وتحول الجزائر إلى بلد مستهلك للمخدرات بكل أنواعها. كل هذا يضغط على عناصر الأمن وهم الذين كثيرا ما يقومون، تحت ضغط قادتهم، بأعمال قذرة في مواجهة التظاهرات والإحتجاجات الشعبية على تردى الأحوال الإجتماعية والسياسية والإقتصادية لسكان البلد الغني والشعب المفقر”.
اترك تعليقاً