فشل البرقاويون فشلا ذريعا في المراهنة على الحل العسكري للأزمة في البلاد، أدى ذلك إلى هزيمة الإرادة البرقاوية التي تعلقت لسنوات بخليفة حفتر واعتقدت أن لديه إرادة صادقة لمكافحة ما سماه حينها الإرهاب، في حين مارس هو ومليشياته شتى أنواع الإرهاب وأمام سمع العالم وبصره بدء من التهجير وهدم البيوت مرورا إلى التصفيات الجماعية والمذابح غير المسبوقة في تاريخ ليبيا وصولا إلى دفن الضحايا في مقابر جماعية، لكن ما اتضح لاحقا وبعد سنوات من سفك الدماء والحروب في برقة أن حفتر لم يكن سوى طامح مجنون للسلطة، ولم تكن برقة سوى مجرد جسر مر عليه هو وأبناؤه لتحقيق طموحاتهم، حفتر تحول إلى جلاد لبرقة لا فرق بينه وبين غراسياني، لم يقدم حفتر لبرقة سوى قتل أبنائها وتقطيع أطراف من بقيَ منهم على قيد الحياة بعد أن استعملهم حطبا رخيصا لإشعال نيران حروبه وتأجيجها، وبعد ذلك سلط أبناءه على برقة ليصبحوا حكامها.
القرار السياسي والعسكري والأمني البرقاوي الآن مرهونٌ بالكامل لدى حفتر وأبنائه، وحتى القرار التشريعي مُخْتَطَف ولا يصدر من مجلس النواب بشكل يمنح للقرار قيمته التشريعية، بل يصدر من “مربوعة” عقيلة صالح في القبة بعد تعليمات من حفتر أو أبنائه، فالمؤسسة التشريعية – التي من المفروض أن تعمل وفق المعايير الدولية لعمل هكذا مؤسسات – هي والعدم سواء في ليبيا، أعضاء مجلس النواب لا قيمة لهم أبدا أمام نفوذ حفتر وطغيان أبنائه، هم مجرد دُمَى رخيصة لدى هذه العائلة، التي تعتقد أنها وحدها القادرة على قيادة ليبيا وجيشها.
ذات جلسة مضت في دولة إقليمية معنية بالأزمة الليبية – إن صح الوصف – قال عقيلة لجلسائه إنه لن يترك رئاسة مجلس النواب حتى تستقر ليبيا، قال ذلك وهو غير قادر على إدارة مؤسسة تشريعية وفقا للتقاليد والأعراف المنظمة لهكذا مؤسسات، ولذا فهو يدير مجلسه بطريقة لصوصية.
ما الحل؟
لتتغلب على الآمها وتتخلص من قيدها تحتاج برقة مشروعا سياسيا شجاعا ينتشلها من المستنقع الحفتري الذي أغرقها في الدماء، على برقة أن تتحرر من جلادها وتُسْقِطَه وتخلص نفسها من قيوده وقيود أبنائه، وتقدم لليبيا مشروعا حقيقيا للاستقرار بدلا عن مشاريع الحروب والقتل، ففي برقة من أبنائها – بغض النظر عن أصولهم إن كانت منها أو من جنوب البلاد أو من غربها – من يمكنه أن يصنع مشروعا للاستقرار يجمع الليبيين بعد سنوات من الشتات والقهر الحفتري.
ما يمكن أن نصفه بمظلومية برقة التي يتباكى عليها متطرفو النظام الفيدرالي أو المبالغين في التطرف من المطالبين بتقسيم ليبيا خصوصا أصبحت وَهْماً يهرب إليه الكثير منهم فرارا إلى الأمام من مواجهة حفتر وأبنائه وعصاباته التي استحوذت على مقدرات برقة وحولتها إلى مجرد مستودع كبير لتجميع الخردة وحوّلت موانئها ومطاراتها إلى مجرد منافذ لجلب اللاجئين من إفريقيا وآسيا وتهريب المخدرات والنفط، وبتعليمات من مافيات دولية.
بنغازي الضائعة
بنغازي حاضرةُ برقة أضحت مجرد مدينة بائسة ولا قيمة لها في معادلة الفعل السياسي الليبي،يفعل فيها حفتر وأبناؤه ما يشاؤون، اقترن اسمها بالقتل والحروب وبشارع الزيت بعد أن كانت في زمن مضى قائدة للتغيير وقطعة مهمة في رقعة الشطرنج الليبية، فلو حدث التغيير من بنغازي ونهض عملاقها من أُسَارِه فليس لبرقة سوى الإنصات لها والسير في ركابها بعد أن تتخلص من جلاديها الذين جردوها من كل شيء وحولوها إلى مجرد معتقل كبير يجلس الطغاة أمام بواباته.
يا عون من جاه النبا من شرقه.. وقالوا على الملعون ناضت برقة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً