الواضح يغيب عن أستاذنا الفاضل أحمد مسعود مدير مركز الامتحانات بأنه في ليبيا، وفيها ينتشر فكر طاعة أولياء الأمر وقناعة تنهى عن عدم امتثالنا لأوامر ونواهي أولياء الأمر وما أكثرهم في ليبيا، وقبل أن يخوض الكاتب في قراءة ما حصل مع الأستاذ أحمد مسعود يتراءى للكاتب بأنه في الأفق السياسي البعيد السلطة في ليبيا ليست منقسمة على اثنين: رئيس حكومة الشرق السيد أسامة حمد ومعالي رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، إنما هي سلطات متعددة وتشرعن لنفسها مع انتشار فكر طاعة أولياء الأمر.
ولي أمر في ليبيا أم أولياء أمور؟
لقد سقط الأستاذ أحمد مسعود في غياهب سلطات أولياء الأمور، وخاصةً بعد أنه لم ينجح في طاعة أولياء الأمر والذي يعتبر مستحيلاً، فتعدد أولياء الأمر في ليبيا مربك للجميع، فنسمع أن السيد الصديق الكبير يأمر ويعرقل مسارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية أحياناَ ويعقد اتفاقات مع السيد صالح عقيلة مرات أخرى، كما وأن للسيد خالد شكك ترتيباته الخاصة وطاعته مطلوبة من بعض الجهات، لم نتكلم بعد عن بروز ولي أمر جديد أسمه الأمن الداخلي! وهل يحق لنا الكلام عنه أم أننا نتكلم عن أسرار أمن الدولة؟! غير مفهوم للكاتب التدخل غير الواضح للأمن الداخلي واستضافته للسيد أحمد مسعود لعدة أيام قبل إطلاق سراحه بحجة الاستدلالات حسب ما صرح به السيد النائب العام السيد الصديق الصور، والسؤال الملح اليوم هل الأمن الداخلي لا يستطيع طلب زيارة السيد أحمد مسعود بأي مكان آخر غير دهاليز الأمن الداخلي، وتغييب صورته وصوته عن الشعب الليبي المتلهف لمعرفة مصير الأستاذ المغيب أحمد مسعود، كثرة أولياء الأمور أمام السيد أحمد مسعودة: ولي الأمر المباشر وزير التعليم والتربية، ورئيس الحكومة في الشرق، ورئيس الحكومة في الغرب، وديوان المحاسبة، والرقابة الإدارية، والأمن الداخلي، والمجموعات المسلحة، ووزير الداخلية ومع جميع الوزراء ولا يستغرب الكاتب بأن كل من لديهم طلبة يرون في أنفسهم أنهم ولاءة أمر للسيد أحمد مسعود ويجب عليه طاعتهم وقبول غش أبنائهم وبناتهم.
مع أخف الضررين عدم التوفيق في اختيار ولي الأمر!
في ظل تعددية أولياء الأمر في ليبيا ما كان للسيد أحمد مسعود أن يوفق في اختياره، فإرضاء جميع أولياء الأمر (الشعب الليبي) غاية لا تدرك! فما كان عليه إلا أن يجتهد ويعمل بقاعدة أخف الضررين، في الواقع ليس الخيار بين اثنين وهذا مما زاد الطين بلة، فاختيار ولي أمر من أولياء الأمور المترصدين للسيد أحمد مسعود لن يجديه نفعاً، ولن يلفت الأستاذ أحمد مسعود من العقاب، مع أن هناك من يرى بأن اعتماده للنتيجة لا يعطيه حق الاستقالة قانونياً! ولكن السؤال ماذا عن جماهير أولياء أمور الطلبة والذين يرون في أنهم ولاة أمر بالنسبة للأستاذ أحمد مسعود وعليه طاعتهم! ربما وحسب قراءة الكاتب ربما كانت هناك محاولة منه لإرضاء أكبر عدد من أولياء الأمر، وخاصة عندما يكونوا نافذين في السلطة، تطلب اعتماد النتيجة مع العلم المسبق بممارسة الطلبة للغش الواضح والفاضح، وهذا بالطبع سيكلفه غضب أولياء أمر آخرين وبالتأكيد لم يحسب حساب الأمن الداخلي! أمل أن ما حدث مع الأستاذ/ أحمد مسعود لم يكن تصفية حسابات من بعض أولياء الأمر غير الراضين عنه.
بعد فبراير 2011 هل ستعود حساباتنا مع الأمن الداخلي!
مع أنه تثلج صدورنا من حين لآخر إجراءات النائب العام بخصوص إحالاته لبعض النصابين وسراق المال العام ومستغلي مناصبهم إلى التحقيق، إلا أن ما لم نتوقعه هو قبول النائب العام التحقيق مع الأستاذ أحمد مسعود بشأن رفضه للغش وتقديم استقالته! فأين هي المصداقية؟ وأين هي الشفافية؟ بل ما لا يمكن قبوله شكلا ومضموناً أن يحارب الأمن الداخلي من يحارب الغش في ليبيا، وعلى المسؤولين في الأمن الداخلي مراجعة ما حدث من لبس بالنسبة للأستاذ أحمد مسعود بعد اعتقاله والتحقيق معه! فالمفروض الأمن الداخلي يحارب جميع ظواهر الغش ما ظهر منها وما بطن، ولا يعمل ضد مصلحة ليبيا واستقرارها وهذا لا يمكن أن يتوافق عليه بأي حالة جميع من يعملون بالجهاز.
ليكون الشعب الليبي جبهة واحدة ضد الغش!
أكبر كارثة خلفها النظام السابق العبث بالبنية الأخلاقية وتمزيق النسيج الوطني، فلقد عملت أمانة اللجان الشعبية وبتوجهات “القائد الملهم” على خفض مرتبات المعلمين/ات حتى تحول المعلمين إلى عاملين لبيع الخضروات والفواكه، وبعضهم حول سيارة إلى سيارة أجرة خاصة، وحتى كان شيوع المثل المنحط المنتشر في تلك الفترة “خوذليك معلم حتى تلقي راجل”، ناهيك عن تجيش المدارس، ومقولات المدارس يخدمها طلابها والانحطاط بالإدارة الطلابية للجامعات، كل ذلك أسهم في تحطيم البنية الأخلاقية للتعليم وباتت كوادر التعليم الأساسي والعالي مسخرة للجميع، بل لم تقتصر اللجان الثورية الطلابية في التحقيق مع معلميهم وأساتذتهم بل تجاوز ذلك أحياناً كثيرة حيث مُرس التعذيب وحتى الشنق والقتل باسم الثورة الطلابية ومقولاتهم الملعونة “سير ولا تهتم يا قائد انصفوهم بالدم”، تحولت مؤسساتنا التعليمية وجامعاتنا في ليبيا إلى مكاتب للأمن الداخلي والخارجي وسجون احتجاز وتعذيب وساحات إعدام، جميع من عاش هذه الفوضى الأمنية بالتأكيد سمحت بالتدخل في سير الامتحانات وكذلك درجات طلبة أولياء الأمر! وسيعيش الشعب الليبي على أمل أن إلا تعود تلك التصرفات الظالمة المجحفة في حقه المهينة لكرامته.
كلمة أخيرة:
وقبل نشر المقالة جاء خبر الإفراج عن الأستاذ أحمد مسعود والحمد لله على سلامته، ومع الشكر للنائب العام على إخلاء سبيل الأستاذ أحمد مسعود حيث انتهت التحقيقات، وحسب ما نشرته صحيفة بوابة الوسط، إلى “تحريك الدعوى الجنائية في مواجهة مسؤولي تلك اللجان”، وسنظل نعيش بالأمل وبرفضنا للغش ولو حرص البعض، من بقايا النظام السابق، على نشره وانتشاره، وسنظل نطالب استمرار الحياة الآمنة للأستاذ المحترم أحمد مسعود بين أهله وجيرانه.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً