لم أثق يوما بالضابط المتقعد ألغير متقعد فمنذ دخوله البلاد بعد الثورة الشعبية في 2011 وهو يصول ويجول من الشرق إلى الغرب إلى الشرق مرة أخرى لعله يجد موطئا يحط فيه الرحال ولا أظنه يخفى على حكيم أن كل الذي فعله ويفعله حفتر هو البحث عن سبيل للوصول للحكم المطلق كما أظن أن الحكماء في بلادي لا يمانعون أن يحكم حفتر أو غيره، ولكن المشكلة هي في الكيفية وتشمل كيفية الوصول للحكم وكيفية إدارة الدولة؟.
إن الكيفية التي انتهجها حفتر ولايزال هو نهج خاطئ ولا يتوافق مع النظم السياسية التي نسعى إليها والتي سالت من أجلها الدماء فعلى سبيل المثال ومن منطلق أننا مجتمع ودولة إسلامية نملك تراثا في اختيار الحاكم يجب أن نستند إليه وهو بعد وفات النبي صلى الله عليه وسلم لم يغتصب عمر ولا أبوبكر رضي الله عنهما الخلافة لا بحرب ولا بغلبة كما يدّعي ويسوّق البعض من المشائخ ولم يدّعي كليهما رضي الله عنهما أنه الأفضل والأحق من غيره بالحكم بل إجتمع أهل الرأي والحكمة والزعامة من المهاجرين والأنصار ونوقش الأمر واتفق كبار القوم من الصحابة على أبوبكر الصديق فبايعوه وبايعه المسلمون وسرى شبيه ذلك في اختيار عمر حيث رشّحه أبوبكر رضي الله عنهما فوافق الصحابة إلا أنهم خافوا من شدّته فقال لهم أبوبكر وهو الخبير رضي الله عنه بعمر: “ذلك أنّه يراني ليّنا، أمّا إذا وسد الأمر إليه فلن يكون كذلك”، وسار هذا النهج في الإختيار على بقية الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين، هذا هو سبيلنا وهو ما يشابه اليوم الإنتخابات.
أما صاحبنا حفتر فقد اختار غير سبيل الصحابة إختار سبيل تولّي الحكم بالقوة قاتل وقتل وشن الحروب ونكّل بمن حاربه ومن لم يحاربه فمشاهد التنكيل والتدمير في درنة وقنفودة وبنغازي وطرابلس شاهدة على الإجرام العشوائي الذي ارتكبه كما وصف معارضيه بأوصاف وألقاب في الغالب عارية عن الصحة حتى يشوّه صورهم عند الناس أجمعين كما أعلن الإنقلاب عدة مرات على مؤسسات الدولة دعك من أنها كانت هشّة فمن كان همّه الوطن ويملك ما يملك من الإمكانيات والثقة بالنفس يجب عليه أن يشارك الآخرين ويعينهم على بناء مؤسسات الدولة واستقرارها وتوحيد مؤسساتها دون التفرد بالرأي والتخلّي عن تفكير ما أريكم إلا ما أرى؟؟!!.
وفي هذا الوقت نحن وبشوق وفرح نشهد توافق الجهود بعد عمل متواصل وإن أصابه ما أصابه من الأخطاء وما الشعب عن الجميع ببعيد في تطلعه لإقامة دولة مدنية موحدة يسودها الأمن والعدل وفي غمار هذا الإستبشار بتوحيد المؤسسات بما فيها الجيش والشرطة يأبى حفتر بأنانية إلّا بالنأي بنفسه ومن يتبعه عن الإنضواء تحت الحكومة ليستمر في المراوغة والتهرب من المسؤولية ويتصرف بشذوذ رجل يفتقد إلى التوازن العقلي والنفسي ليس لشيء وجيه ولكن لأن كل ذلك قد لا يوصله لحكم ليبيا وهذا هو هدفه الذي اختار تحقيقه بطرق غير مشروعة فأنّى له ذلك.
إن التجربة مع حفتر تلقي على عاتق رئيس المجلس الرئاسي ورئيس الحكومة حملُ تحييد وإخراج حفتر من المشهد العسكري فلدينا كفاءات عسكرية وطنية أفضل بكثير منه لأن عرقلته لتوحيد البلاد ليست خافية إلاّ على من يأبى، فعلى الرئيسين بالدرجة الأولى ومن له يد في المشهد السياسي أن يعملوا ما في وسعهم لإخراج حفتر من المشهد العسكري وتكليف وزيرا للدفاع أما الطريق الوحيد لرئاسة ليبيا يجب أن يكون مدنيّا واضحا والسبيل لذلك هو اختيار الشعب.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً