ظهرت حكمة الصديق ورباطة جأشه في مواجهة مصاب الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولما تولى الخلافة أظهر قدرة فائقة على إدارة شؤون الدولة التي تعرضت للانقسام الخطير بسبب ظهور المرتدين، فأعاد للدولة وحدتها وأمنها، ووجه طاقتها للجهاد وفتح بلاد العراق والشام، وارسى قواعد وضوابط مجتمعها على أسس إسلامية صافية.
أولا: وصف المجتمع في عصر الصِّديق:
حين ندرس المجتمع المسلم في صدر الخلافة الرَّاشدة تتَّضح لنا مجموعةٌ من السِّمات، منها:
1ـ أنَّه في عمومه مجتمعٌ مسلمٌ بكامل معنى الإِسلام، عميقُ الإِيمان بالله، واليوم الآخر، مطبِّقٌ لتعاليم الإِسلام بجدِّيَّةٍ واضحةٍ، والتزامٍ ظاهرٍ، وبأقلِّ قدرٍ من المعاصي وقع في أيِّ مجتمعٍ في التاريخ، فالدِّين بالنسبة له هو الحياة، وليس شيئاً هامشياً يفيء إِليه بين الحين والحين، إِنَّما هو حياة النَّاس، وروحهم، ليس فقط فيما يؤدُّونه من شعائر تعبديَّة، يحرصون على أدائها على وجهها الصَّحيح، وإِنَّما من أخلاقيَّاتهم، وتصوُّراتهم، واهتماماتهم، وقيمهم، وروابطهم الاجتماعيَّة، وعلاقات الأسرة، وعلاقات الجوار، والبيع، والشِّراء والضَّرب في مناكب الأرض، والسَّعي وراء الأرزاق، وأمانة التَّعامل، وكفالة القادرين لغير القادرين، والأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر، والرَّقابة على أعمال الحكَّام، والولاة، ولا يعني هذا بطبيعة الحال أنَّ كلَّ أفراد المجتمع هم على هذا الوصف، فهذا لا يتحقَّق في الحياة الدُّنيا، ولا في أي مجتمعٍ من البشر. وقد كان في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم ـ كما ورد في كتاب الله ـ منافقون، يتظاهرون بالإِسلام، وهم في دخيلة أنفسهم من الأعداء، وكان فيه ضعافُ الإِيمان، والمعوِّقون، والمتثاقلون والمبطون، والخائنون، ولكن هؤلاء جميعاً لم يكن لهم وزنٌ في ذلك المجتمع، ولا قدرةٌ على تحويل مجراه؛ لأنَّ التَّيار الدَّافق هو تيار أولئك المؤمنين الصَّادقي الإِيمان، المجاهدين في سبيل الله بأموالهم، وأنفسهم، الملتزمين بتعاليم هذا الدِّين.
2ـ أنَّه المجتمع الَّذي تحقَّق فيه أعلى مستويات المعنى الحقيقي(للأمَّة)، فليست الأمَّة مجرَّد مجموعةٍ من البشر جمعتهم وحدة اللُّغة، ووحدة الأرض، ووحدة المصالح، فتلك هي الرَّوابط التي تربط البشر في الجاهليَّة، فإِن تكونت منهم أمَّةٌ فهي أمَّةٌ جاهليَّة، أمَّا الأمَّة بمعناها الرَّباني ـ فهي الأمَّة الَّتي تربط بينها رابطة العقيدة بصرف النَّظر عن اللُّغة، والجنس، واللَّون، ومصالح الأرض القريبة، وهذه لم تتحقَّق في التاريخ وحده كما تحقَّقت في الأمَّة الإِسلاميَّة، فالأمَّة الإِسلاميَّة هي الَّتي حقَّقت معنى الأمَّة أطول فترةٍ من الزَّمن عرفتها الأرض، أمَّةٌ لا تقوم على عصبية الأرض، ولا الجنس، ولا اللَّون، ولا المصالح الأرضيَّة، إِنَّما هو رباط العقيدة يربط بين العربيِّ، والحبشيِّ، والرُّوميِّ، والفارسيِّ، يربط بين البلاد المفتوحة والأمَّة الفاتحة على أساس الأخوَّة الكاملة في الدِّين، ولئن كان معنى الأمَّة قد حقَّقته هذه الأمَّة أطول فترةٍ عرفتها الأرض؛ فقد كانت فترة صدر الإِسلام أزهى فترةٍ تحقَّقت فيها معاني الإِسلام كلُّها بما فيها معنى الأمَّة على نحوٍ غير مسبوقٍ.
3ـ أنَّه مجتمعٌ أخلاقيٌّ يقوم على قاعدةٍ أخلاقيَّة واضحةٍ مستمدَّةٍ من أوامر الدِّين وتوجيهاته، وهي قاعدةٌ لا تشمل علاقات الجنسين وحدها، وإِن كانت هذه من أبرز سمات هذا المجتمع، فهو خالٍ من التبرُّج، ومن فوضى الاختلاط، وخالٍ من كلِّ ما يخدش الحياء من فعلٍ، أو قولٍ، أو إِشارةٍ، وخالٍ من الفاحشة إِلا القليل الَّذي لا يخلو منه مجتمعٌ على الإِطلاق، ولكنَّ القاعدة الأخلاقيَّة أوسع بكثير من علاقات الجنسين، فهي تشمل السِّياسة، والاقتصاد، والاجتماع، والفكر، والتَّعبير، فالحكم قائمٌ على أخلاقيات الإِسلام، والعلاقاتُ الاقتصاديَّة من بيعٍ، وشراءٍ، وتبادلٍ، واستغلالٍ للمال قائمةٌ على أخلاقيَّات الإسلام، وعلاقاتُ النَّاس في المجتمع قائمةٌ على الصِّدق، والأمانة، والإخلاص، والتَّعاون، والحبِّ، لا غمز، ولا لمز، ولا نميمة، ولا قذف للأعراض.
4ـ أنَّه مجتمعٌ جادٌّ مشغولٌ بمعالي الأمور، لا بسفسافها، وليس الجدُّ بالضَّرورة عبوساً وصرامةً، ولكنَّه روحٌ تبعث الهمَّة في النَّاس، وتحثُّ على النَّشاط، والعمل، والحركة، كما أنَّ اهتمامات النَّاس هي اهتماماتٌ أعلى، وأبعد من واقع الحسِّ القريب، وليست فيه سماتُ المجتمع الفارغة المترهِّلة، الَّتي تتسكَّع في البيوت، وفي الطرقات تبحث عن وسيلةٍ لقتل الوقت من شدَّة الفراغ.
5ـ أنَّه مجتمعٌ مجنَّد للعمل في كلِّ اتجاهٍ، تلمس فيه روح الجنديَّة واضحةً، لا في القتال في سبيل الله فحسب، وإِن كان القتال في سبيل الله قد شغل حيِّزاً كبيراً من حياة هذا المجتمع، ولكن في جميع الاتِّجاهات، فالكلُّ متأهِّبٌ للعمل في اللحظة الَّتي يطلب منه فيها العمل، ومن ثَمَّ لم يكن في حاجةٍ إِلى تعبئةٍ عسكريَّةٍ، ولا مدنيَّة، فهو معبَّأٌ من تلقاء نفسه بدافع العقيدة، وبتأثير شحنتها الدَّافعة لبذل النَّشاط في كلِّ اتِّجاه.
6ـ أنَّه مجتمعٌ متعبِّدٌ، تلمس روح العبادة واضحةً في تصرُّفاته، ليس فقط في أداء الفرائض، والتَّطوُّع بالنَّوافل ابتغاء مرضاة الله، ولكن في أداء الأعمال جميعاً، فالعمل في حسِّه عبادةٌ يؤدِّيه بروح العبادة، الحاكم يسوس رعيَّته بروح العبادة، والمعلِّم الذي يعلِّم القران، ويفقِّه الناس في الدِّين يعلم بروح العبادة، والتَّاجر الَّذي يراعي الله في بيعه وشرائه يفعل ذلك بروح العبادة، والزَّوج يرعى بيته بروح العبادة، والزَّوجة ترعى بيتها بروح العبادة، تحقيقاً لتوجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: « كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته ».
هذه من أهم سمات عصر الصِّدِّيق؛ الَّذي هو بداية الخلافة الرَّاشدة، وهذه السِّمات جعلته مجتمعاً مسلماً في أعلى افاقه، وهي الَّتي جعلت هذه الفترة هي الفترة المثاليَّة في تاريخ الإِسلام، كما أنَّها هي الَّتي ساعدت في نشر هذا الدِّين بالسُّرعة العجيبة الَّتي انتشر بها، فحركة الفتح ذاتها من أسرع حركات الفتح في التاريخ كلِّه، بحيث شملت في أقل من خمسين عاماً أرضاً تمتدُّ من المحيط غرباً إِلى الهند شرقاً، وهي ظاهرةٌ في ذاتها تستحقُّ التَّسجيل، والإِبراز، وكذلك دخول النَّاس في الإِسلام في البلاد المفتوحة بلا قهرٍ، ولا ضغطٍ، وقد كانت تلك السِّمات الَّتي اشتمل عليها المجتمع المسلم هي الرَّصيد الحقيقي لهذه الظَّاهرة، فقد أحبَّ الناس الإِسلام لمَّا رأوه مُطبَّقاً على هذه الصُّورة العجيبة الوضَّاءة، فأحبُّوا أن يكونوا من بين معتنقيه.
ثانيا: سياسة الصِّدِّيق في محاربة التدخُّل الأجنبيِّ:
أدَّت حركة الدَّولة الإِسلاميَّة الضَّاربة في الجزيرة العربيَّة إِلى لجوء كثير من القبائل المجاورة لكلٍّ من الرُّوم، والفرس، وأبَوا التَّسليم للدَّولة الإِسلاميَّة، وما إِنْ سمعوا بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتَّى سعوا للتقرُّب من الدَّولتين، واستغلَّ الفرس والرُّوم هذه القبائل بالحضِّ، والتَّشجيع، والدَّعم لتقف ضدَّ الدَّولة الإِسلاميَّة، فكانت سياسة الصِّدِّيق التَّصدِّي لهذا الدَّعم الخارجيِّ بأن أرسل حملةَ أسامة بن زيدٍ إِلى الشَّام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت تلك الحملة بمثابة الضَّمان لعدم استرسال تلك القبائل على مهاجمة الدَّولة الإِسلاميَّة، وأرسل أبو بكر أيضاً خالد بن سعيد بن العاص على رأس جيشٍ إِلى المحقتين من مشارف الشَّام، وعمرو بن العاص إِلى تبوك، ودومة الجندل، وأرسل العلاء بن الحضرمي إِلى البحرين(أي: ساحل الخليج العربي كلِّه)، ثمَّ تابع المثنَّى بن حارثة الشَّيباني إِلى جنوب العراق بعد القضاء على ردَّة البحرين، واضطرت سجاح التَّميميَّة وقد كانت من نصارى العرب في العراق الَّتي كانت تحت سيطرة الفرس أن ترتدَّ عائدةً إِلى العراق لمَّا رأت قوَّة المسلمين، لقد كان المسلمون بقيادة أبي بكرٍ على مستوى اليقظة والمسؤوليَّة، فحفظوا الحدود الشَّمالية بدقَّةٍ، فمن الشَّرق إِلى الغرب على طول الحدود الشَّماليَّة المتاخمة للفرس والرُّوم نجد العلاء بن الحضرمي، وخالد بن الوليد شمال نجد، ثُمَّ عمرو بن العاص في دومة الجندل، وخالد بن سعيد على مشارف الشَّام، ناهيك عن جيش أسامة.
كان الفرس يتربَّصون بالإِسلام الدَّوائر، ولكنَّهم كمنوا كمون الأفعى وخاصَّة أنَّهم كانوا يرون المدَّ الإِسلاميَّ يكتسح من أمامه كلَّ أقزام التَّاريخ، ويزيح من وجهه جميع قوى الشَّرِّ والطُّغيان، وعندما حانت الفرصة بارتداد بعض القبائل عن الإِسلام، وتوجَّهت قبيلة بكر بن وائل إِلى كسرى بعد وفاة الرَّسول صلى الله عليه وسلم تعرض عليه إِمارة البحرين، فلاقى العرض قبولاً لديه، وأرسل معهم المنذر بن النُّعمان على رأس قوَّةٍ مؤلَّفةٍ من سبعة الاف فارسٍ، وراجلٍ، وعددٍ من الخيل تقارب في أعدادها المئة لمساعدتهم في مواجهة المسلمين، وهم شرذمةٌ لا يُخشى خطرهم كما يقول الكلاعي.
وكان مسيلمة الكذاب تتطلَّع إِليه الأعين من بلاط فارسٍ، وقد ذكر الدُّكتور محمد حسين هيكل: من أنَّ سجاح لم تنحدر من شمالي العراق إِلى شبه الجزيرة يتبعها رهطها إِلا مدفوعةً بتحريض الفرس وعمَّالهم في العراق، كي يزيدوا الثَّورة في بلاد العرب اشتعالاً.
هذا عن دور الفرس، أمَّا دور الرُّوم فقد كان أظهر، وأخطر، ذلك لأنَّ موقف الرُّوم من الإِسلام ودولته كان أصلب، وأعتى، فهم أمَّة ذات فكرٍ، وعقيدةٍ، وذات نظمٍ، وقوانين متقدِّمة، ولهم من العَدد والعُدد مددٌ لا يكاد ينقطع، ومن الحلفاء والأتباع دولٌ ودولٌ، ولذا كانت العلاقات بينهما في أعلى درجات سخونتها، وتوتُّرها منذ فتراتٍ مبكِّرةٍ، وقد لجأ الرُّوم ومنذ وقت مبكرٍ بعد وصول كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلى محاولة الصِّدام مع المسلمين، فكان من جرَّاء ذلك غزوتا: مؤتة، وتبوك اللَّتان أثبتتا لهم مادِّياً: أنَّ الدَّولة الإِسلاميَّة ليس من السَّهل ابتلاعها، أو شراء أصحابها، كما أثبتتا للمسلمين من جهةٍ أخرى إِخلاص متنصره العرب من قبائل الشَّام لأبناء دينهم من الرُّوم، وعلى الرَّغم من الاتفاقيَّات الَّتي عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه إِثر غزوة تبوك مع أمراء الشَّام من أتباع الرُّوم، فإِنَّ الروم كانوا لا يكفُّون عن مناوشة الدَّولة الإِسلاميَّة ومحاولة قصِّ أجنحتها، وبالتَّالي القضاء عليها، وكان الصِّدِّيق ـ رضي الله عنه ـ متنبِّهاً لهذا الأمر جيداً، وقد تمثَّل ذلك في إِصراره الشَّديد على إِنفاذ جيش أسامة لوجهته، وقد رأى قبائل العرب في شمالي الجزيرة من لخم، وغسان، وجذام، وبلي، وقضاعة، وعذرة، وكلبٍ تعود للانقضاض على عهود رسول الله صلى الله عليه وسلم الَّتي أبرمها معها، ومَنْ غير الدَّولة الرُّومية يمدهم بوقود المعركة من سلاحٍ، ورجالٍ، ومالٍ، ومخطَّطات؟ وكأنَّه كان يريد أن يقول للرُّوم بلسان الحال: إِنَّه على الرَّغم من انتقاض العرب داخل بلادي فإِنَّ ذلك لن يفتَّ في عضدنا نحن المسلمين، ونحن قادرون أن نصدَّ عن دولتنا أكبر هجمةٍ عالميَّةٍ، ولو كانت من جانبكم.
إِنَّ انتقاض الجزيرة العربيَّة جدد الأمل عند الفرس، والرُّوم بأنَّ العرب سيقضون على الإِسلام، وقدَّمت الفرس والرُّوم للعرب الثائرين على الحكم الإِسلامي كثيراً من المساعدات، واوت الفارِّين منهم، ولذلك لم يكد المسلمون يعيدون الجزيرة العربيَّة إِلى وحدتها حتَّى كان الأوان قد ان للزَّحف نحو الشَّمال لمواجهة العدوَّيْن الكبيرين اللَّذين يتربَّصان بالإِسلام.
لقد تحرَّك الصِّدِّيق من قاعدته الأمينة (المدينة المنورة)، وبعث منها الجيوش وزوَّدها بكلِّ ما من شأنه أن يجعلها ذات هيبةٍ في عيون أعدائها، وفي قلوبهم، وقد استطاع الصِّدِّيق أن يفيض من قاعدته الخير على بقيَّة أرجاء الجزيرة العربيَّة، وما كان له أن ينطلق لفتح بلاد الشام والعراق لولا أنَّه أمَّن قاعدته الكبرى الجزيرة العربيَّة، مواليةً للإِسلام، موحَّدةً على أساسه، وقد تمثَّل أمن هذه القاعدة في ثلاثة مستوياتٍ، هي:
أولاً: عزم الخليفة على مواصلة الجهاد، وإِيمانه الوطيد بصلاحية فكره، وتميُّزه، واستعلائه به، وثانياً: نظافة مجتمعه الأصغر مجتمع المدينة من مهاجرين، وأنصار، وثالثاً: تطهير مجتمعه الأكبر وهو المجتمع العربي من أدران الشِّرك، وقابيل الردَّة، وقد انبتن هذه المستويات بعضها على بعضٍ حتَّى سما البناء شامخاً قويّاً، واستطاع أن يرمي به ثغور العراق والشام رمياً زعزع كيانات الرُّوم والفرس زعزعةً شديدةً في أمدٍ قصير، وما ذلك إِلا لأنَّ الجيوش المنطلقة من الجزيرة كانت موحَّدةَ الصُّفوف، موحَّدة الفكر، موحَّدة الرَّاية، محمية الظَّهر، مؤمِّنةً مراكز التَّموين.
في الختام يمكن القول أن أبو بكر الصِّدِّيق خرج من هذه الدُّنيا بعد جهادٍ عظيمٍ في سبيل نشر دين الله في الآفاق، وستظلُّ الحضارة الإِنسانيَّة مدينةً لهذا الشَّيخ الجليل؛ الذي حمل لواء دعوة الرَّسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، وحمى غرسه عليه الصَّلاة والسَّلام، وقام برعاية بذور العدل والحريَّة، وسقاها أزكى دماء الشُّهداء، فاتت من كلِّ الثَّمرات عطاءً جزيلاً، حقَّق عَبْرَ التَّاريخ تقدُّماً عظيماً في العلوم، والثَّقافة، والفكر، وستظلُّ الحضارة مدينةً للصِّدِّيق؛ لأنَّه بجهاده الرَّائع، وبصبره العظيم حمى الله به دين الإِسلام في ثباته في الردَّة، ونشر الله به الإِسلام في الأمم، والدُّول، والشُّعوب بحركة الفتوحات العظيمة.
مراجع المقال:
- علي محمد محمد الصلابي ،الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبو بكر الصديق شخصيته وعصره، دار ابن كثير، 1424هـ 2003، ص (310،305)
- عبد الرحمن الشُّجاع ، دراساتٌ في عهد النُّبوَّة والخلافة الرَّاشدة ، دار الفكر المعاصر، الطبَّعة الأولى 1419هـ 1999م. ص311.
- محمَّد قطب ،كيف نكتب التَّاريخ الإِسلامي، ، دار الوطن السُّعودية، الطَّبعة الأولى 1412هـ. ص102.
- محمَّد أحمد بشميل، حروب الردَّة، ، دار الفكر، الطَّبعة الأولى 1399هـ 1979م. ، ص(174، 175).
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
انظروا كيف يحاول هذا الببغاء تخدير عقولكم وشل افكركم عن طريق نشر الاساطير والسير المفبركة على اول خليفه لمحمد ابن عبد الله…ذلك الديكتاتور الاعرابى ابوبكر ابن ابى قحافه….الذى رفض ان يعطى فاطمه بنت الرسول ارثها من أمها وابيها…وخالف ما انزله الله في كتابه” ولا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء”…”وما انت عليهم بمسيطر”…” لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ “…” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” “وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِين”… وقام بقتل كل من أراد ان يعيش حرا …وللعلم قيامه بحرب الرده لم يكن من اجل بسط دين الله كما يريد ان يوهمكم هذا المشعوذ بل كان ما اجل جمع المال… لان المال في فكر الاعراب هو زينة حياة الدنيا كما تعلمون…واليكم حقيقة الخلافه الإسلامية…الخلافة التي ينادى بها اليوم الجهلة والمنافقين والاخوان الفاسقين وفى نفس الوقت يحاول تجار الدين طمسها واخفائها عن العامة:
عمر تانى الخلفاء مات مقتولا…
قُتل عثمان .. بأيدي مسلمين
تم قُتل علي .. بأيدي مسلمين
ثم قتل الحسين وقطعت رأسه .. بأيدي مسلمين
وقتل الحسن مسموماًً مغدوراً .. بأيدي مسلمين
وقُتل اثنين من المبشرين بالجنة “طلحة والزبير” .. بأيدي مسلمين
في معركة كان طرفاها “علي” و “عائشة” (موقعة الجمل) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها “علي” و “معاوية” (موقعة صفين) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها “علي” و “أتباعه” (موقعة نهروان) .. قُتل مسلمين بيد مسلمين
في معركة كان طرفاها “الحسين” و “يزيد” .. ذُبح 73 من عائلة رسول الله بيد مسلمين
في معركة إخماد ثورة “أهل المدينة” على حكم “الأمويين” غضباً لمقتل الحسين .. قُتل 700 من المهاجرين والأنصار بيد 12 ألف من قوات الجيش الأموي المسلم
في (معركة الحرة) التي قاد جيش الأمويين فيها “مسلم بن عقبة” جاءه صديقه الصحابي معقل بن سنان الأشجعي (شهد فتح مكة وروى أحاديثاً وكان فاضلاً تقياً) فأسمعه كلاماً غليظاً في “يزيد بن معاوية” بعدما قتل الحسين … فغضب منه … وقتله
لم يتجرأ “أبو لهب” و “أبو جهل” على ضرب “الكعبة” بالمنجنيق وهدم أجزاء منها .. لكن فعلها “الحصين بن نمير” قائد جيش عبد الملك بن مروان أثناء حصارهم لمكة
لم يتجرأ “اليهود” أو “الكفار” على الإساءة لمسجد رسول الله يوماً .. لكن فعلها قائد جيش يزيد بن معاوية عندما حول المسجد لثلاثة ليالي إلى أسطبل ، تبول فيه الخيول
في خلافة عبد الملك بن مروان : قُتل عبد الله بن الزبير (ابن أسماء ذات النطاقيين) بيد مسلمين
في خلافة هشام بن عبد الملك : لم يُقتل زيد بن زين العابدين بن الحسين (من نسل النبي) فحسب .. بل صلبوه عارياً على باب دمشق .. لأربعة سنوات .. ثم أحرقوه
معاوية بن يزيد (ثالث خلفاء بني أمية) لما حضرته الوفاة (وكان صالحاً على عكس أبيه) ، قالوا له : أعهد إلى من رأيت من أهل بيتك ؟؟ ، فقال : والله ماذقت حلاوة خلافتكم فكيف أتقلد وزرها !! اللهم إني بريء منها متخل عنها .
فلما سمعت أمه (زوجة يزيد بن معاوية اللي قتل الحسين) كلماته ، قالت : ليتني خرقة حيضة ولم أسمع منك هذا الكلام
تقول بعض الروايات أن عائلته هم من دسوا له السم ليموت لرفضه قتال المسلمين ، بعد أن تقلد الخلافة لثلاثة أشهر فقط وكان عمره 22 سنة
ثم صَلّى عليه “الوليد بن عتبه بن ابي سفيان” وكانوا قد اختاروه خليفة له ، لكنه طُعن بعد التكبيرة الثانية .. وسقط ميتاً قبل اتمام صلاة الجنازة
فقدموا “عثمان بن عتبة بن أبي سفيان” ليكون الخليفة ، فقالوا : نبايعك ؟؟ قال : على أن لا أحارب ولا أباشر قتالاً .. فرفضوا .. فسار إلى مكة وانضم لعبد الله بن الزبير .. وقتلوه
نعم .. قتل الأمويون بعضهم البعض
ثم قُتل أمير المؤمنين “مروان بن الحكم” .. بيد مسلمين
ثم قُتل أمير المؤمنين “عمر بن عبد العزيز” .. بيد مسلمين
ثم قُتل أمير المؤمنين “الوليد بن يزيد” .. بيد مسلمين
ثم قُتل أمير المؤمنين “إبراهيم بن الوليد” .. بيد مسلمين
ثم قُتل آخر الخلفاء الأمويين .. بيد “أبو مسلم الخرساني”
قَتل “أبو العباس” -الخليفة العباسي الأول- كل من تبقى من نسل بني أمية من أولاد الخلفاء ، فلم يتبقى منهم إلا من كان رضيعاً أو هرب للأندلس
أعطى أوامره لجنوده بنبش قبور بنى أمية في “دمشق” فنبش قبر معاوية بن أبى سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً ، ونبش قبر يزيد بن معاوية فوجدوا فيه حطاماً كالرماد ، ونبش قبر عبدالملك فوجده صحيحاً لم يتلف منه إلا أرنبة أنفه ، فضربه بالسياط .. وصلبه .. وحرقه .. وذراه فى الريح
لولا جهود وشعبية القائد المسلم “أبو مسلم الخرساني” الذي دبر وخطط لإنهاء الحكم الأموي .. ماكانت للدولة العباسية أن تقوم
قال فيه المأمون : “أجل ملوك الأرض ثلاثة ، وهم الذين نقلوا الدول وحولوها : الإسكندر وأردشير وأبو مسلم الخرساني”
لما مات “أبو العباس” .. وخلفه “أخوه أبو جعفر المنصور” .. خاف من شعبية صديقه “أبو مسلم الخرساني” أن تطمعه بالملك .. فاستشار أصحابه فأشاروا عليه بقتله. فدبَّر لصديقه مكيدة .. وقتله .. وعمره 37 عاماً
في معركة كان طرفاها “أنصار أبو مسلم” و “جيش العباسيين” .. قُتل آلاف المسلمين
شجرة الدر قتلت عز الدين أيبك وزوجة أيبك قتلت شجرة الدر رمياً بالقباقيب
بعد وفاة “أرطوغرول” نشب خلاف بين “أخيه” دوندار و “ابنه” عثمان ، انتهى بأن قتل عثمان “عمه” واستولى على الحكم ، وهكذا قامت الدولة العثمانية
حفيده “مراد الأول” عندما أصبح سلطاناً .. قتل أيضاً “شقيقيه” إبراهيم وخليل خوفاً من مطامعهما
ثم عندما كان على فراش الموت في معركة كوسوفو عام 1389 أصدر تعليماته بخنق “ابنه” يعقوب حتى لا ينافس “شقيقه” في خلافته
السلطان محمد الثاني (الذي فتح إسطنبول) أصدر فتوى شرعية حلل فيها قتل السلطان لشقيقه من أجل وحدة الدولة ومصالحها العليا
السلطان مراد الثالث قتل أشقاءه الخمسة فور تنصيبه سلطاناً خلفاً لأبوه
ابنه محمد الثالث لم يكن أقل إجراماً فقتل أشقاءه التسعة عشر فور تسلمه السلطة ليصبح صاحب الرقم القياسي في هذا المجال
يضيف الإعلامي التركي “رحمي تروان” في مقالاً بعنوان «ذكريات الملوك» ، يقول : ” لم يكتف محمد الثالث بذلك ، فقتل ولده الصغير محمود الذي يبلغ من العمر 16 عاماً، كي تبقى السلطة لولده البالغ من العمر 14 عاماً ، وهو السلطان أحمد ، الذي اشتهر فيما بعد ببنائه جامع السلطان أحمد (الجامع الأزرق) في إسطنبول
عندما أرادت “الدولة العثمانية” بسط نفوذها على القاهرة قتلوا خمسين ألف مصرياً مسلماً
أرسل “السلطان سليم” طلباً إلى “طومان باي” بالتبعية للدولة العثمانية مقابل ابقائه حاكماً لمصر .. رفض العرض .. لم يستسلم .. نظم الصفوف .. حفر الخنادق .. شاركه الأهالي في المقاومة .. انكسرت المقاومة .. فهرب لاجئاً لـ ((صديقه)) الشيخ حسن بن مرعي .. وشى به صديقه .. فقُتل .. وهكذا أصبحت مصر ولاية عثمانية
ثم قتل السلطان سليم بعدها “شقيقيه” لرفضهما أسلوب العنف الذي انتهجه في حكمه
في كل ماسبق :
اللي “قتلوا” كانوا عاوزين خلافه إسلامية
واللى “اتقتلوا” كانوا عاوزين خلافة إسلامية
اللي “قتلوا” كانوا بيرددوا .. الله أكبر
واللي “اتقتلوا” كانوا بيرددوا .. الشهادتين
الدكتور فرج فودة رحمة الله عليه : من كتاب الحقيقة الغائبة
برز الثعلب يومًا في شعار الواعظينا..
فمشى في الأرض يهدي ويسب الماكرينا..
ويقول: يا عباد الله توبوا؛ فهو كهف التائبينا..
واطلبوا الديك يؤذن لصلاة الصبح فينا..
فأجاب الديك: عذرًا يا أضلَّ المهتدينا..
مخطئ من ظن يوما أن للثعلب دينا..!!
أمير الشعراء : #أحمد_شوقي